الأحد، 21 ديسمبر 2014

فقه قدرة الرب


 فقه عظمة قدرة الرب 

قال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)} [المائدة:120].

وقال الله تعالى: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)} [البقرة: 148].

وقال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)} ... [الملك: 1].

��الله جل جلاله هو الخالق الذي خلق المخلوقات، المصور الذي صور الكائنات، القادر على كل شيء، القاهر لكل شيء، العالم بكل شيء.
��{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } ... [الطلاق: 12]

��وهوسبحانه القادر الذي خلق جميع المخلوقات، القدير الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، المقتدر الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

��وكل ما نراه في الكون من آثار قدرته.
��{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ *وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ } [ق: 6 - 8].

��وهو سبحانه القادر على كل شيء، الحكيم في خلقه وأمره، الذي يفعل ما يشاء بقدرته وهو الصمد.

كبر بعض المخلوقات كالعرش والكرسي، والسموات والأرض.

وصغر بعضها كالذرة والبعوضة، والنملة والنطفة.

وجعل لكل من الصغير والكبير حكمة، وفي كل منهما آية وعبرة.

وكثّر سبحانه بعض المخلوقات كالتراب والنبات والذرات، وقلّل بعضها كالذهب والفضة، والمعادن.

��وجعل سبحانه لكل من الكثير والقليل حكمة، وفي كل واحد منهما آية وعِبرة.

وقوّى سبحانه بعض المخلوقات كجبريل الذي خلق الله له ستمائة جناح، جناح منها يسد الأفق، وأَضعف بعض المخلوقات كالإنسان والبعوض.

��وله سبحانه في خلق القوي والضعيف حكمة، وفي كل منهما آية وعبرة.

��وهو سبحانه القادر الذي رفع بعض المخلوقات كالعرش والكرسي والسموات والجبال والأشجار، ووضع بعضها كالأرض وما فيها وما عليها، والبحار والأنهار.

��وهو سبحانه القادر الذي جمع بعض المخلوقات كالجبال والبحار، وفرق بعضها كالنجوم والرمال، والثمار والأوراق.

��وهو سبحانه العليم القدير الذي أظهر بعض مخلوقاته وأخفى بعضها .. فأظهر الدنيا وأخفى الآخرة .. وأظهر الأبدان وأخفى الأرواح .. وأظهر الأجساد وأخفى العقول .. وأظهر قيمة الأشياء وأخفى قيمة الأعمال .. وأظهر المخلوقات وحجب نفسه عن خلقه.

��فسبحان الخلاق العليم الذي فاوت بين مخلوقاته، فخلق الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والقوي والضعيف، والثقيل والخفيف، وأحيا بعضها وأمات بعضها، وخلق المخلوقات وفرقها في ملكه في السماء والأرض.

��ففي البر خلائق لا تحصى، وفي الجو خلائق لا تحصى، وفي البحر خلائق لا تحصى، وفي السماء خلائق لا تحصى.

��وفاوت القدير العليم بين صفاتها فمنها ثابت لا يتحرك، ومنها متحرك لا يسكن، ومنها حار وبارد، وأبيض وأسود، وناطق وصامت، ورطب ويابس، وعذب وملح، ولين وخشن، وسائل وجامد.

��وأحياء لا تعيش إلا في البحار ولو خرجت لماتت، وأحياء لا تعيش إلا في البر ولو أدخلت البحر لماتت، وملائكة يسبِّحون الليل والنهار لا يفترون.
�� {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [لقمان: 11].

�� موسوعة فقه القلوب ��

�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��



آثار قدرة الله عزوجل المطلقة 

هو سبحانه الخلاق العليم الذي خلق الرياح الشديدة، والصواعق المهلكة، والزلازل المدمرة، والبراكين المفزعة، والخسوف التي تبلع الأشجار والبيوت والبشر، يصيب بها من يشاء، ويصرفها عمن يشاء، من مؤمن وكافر، ومحسن وظالم.
�� {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [العنكبوت: 40].

��وخلق سبحانه الجنة وما فيها من النعيم لأهل طاعته،
��وخلق النار وما فيها من العذاب لأهل معصيته .
      ��وخلد هؤلاء وهؤلاء��

��والله سبحانه على كل شيء قدير ↩وقدرته مطلقة.

��أحياناً يفعل بالأسباب كما جعل الماء سبباً للحياة، والوطء سبباً للإنجاب .. وأحياناً يظهر قدرته سبحانه بضد الأسباب كما جعل سبحانه النار برداً وسلاماً على إبراهيم .. وأحياناً يظهر قدرته بدون الأسباب كما خلق السموات والأرض.
��{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82].

��فسبحانه ما أعظمه من إله، وما أعظم قدرته، وما أكرمه، وما أحلمه.
فيا أيها الإنسان.
��{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى *وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى *وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى *فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: 1 - 5].

إن الله تبارك وتعالى خالق كل شيء، ومالك كل شيء، الخلق خلقه، والملك ملكه، والأمر أمره، وهو الفعال لما يريد.

خلق الماء والنار،
��وجعل وظيفة الماء الإرواء والإحياء والإغراق،
�� وجعل وظيفة النار الإنارة والإنضاج والإحراق.

��وإذا اجتهد الإنسان على الإيمان، وقام بالأعمال الصالحة، وجاء عنده كمال الإيمان والتقوى،
فالله يسخر له المخلوقات، ويغير أحوالها بقدرته، فيجعل النافع ضاراً بقدرته،
�� كما جعل الماء الذي هو سبب الحياة سبباً لهلاك فرعون وقومه، وسبباً لنجاة موسى وقومه، في آن واحد، بأمر واحد، في مكان واحد.

��وكما جعل الماء سبباً لنجاة نوح ومن آمن معه، وسبباً لهلاك قوم نوح في آن واحد، بأمر واحد، في مكان واحد.

��وهو سبحانه قادر على جعل الضار نافعاً كما جعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وكما ربى موسى - صلى الله عليه وسلم - في قصر عدوه فرعون.

والله عزَّ وجلَّ خلقنا وخلق الدنيا، واستخلفنا فيها لينظر كيف نستخدمها؟.
��هل نستخدمها حسب أوامر الله؟..
��أم نستخدمها على حسب هوى النفس والشيطان؟.

��فاستخدامها حسب أمر الله عزَّ وجلَّ يأتي بعده الابتلاء، ثم السعادة في الدنيا والآخرة
��واستخدامها حسب مراد النفس والشيطان يأتي بعده الشقاء في الدنيا والآخرة.
�� كما قال سبحانه: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى *وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه: 123 - 124].

��والله جل جلاله هو القوي العزيز، يعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، يقدم من يشاء، ويؤخر من يشاء، ويرفع أقواماً، ويضع آخرين، ويكرم من يشاء، ويهين من يشاء، ويفعل ما يشاء، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

��يعز سبحانه بأسباب الذلة كما أعز موسى - صلى الله عليه وسلم - وأذل فرعون، وكما أعز محمداً - صلى الله عليه وسلم - وأذل قريشاً.

��ويذل سبحانه بأسباب العزة كما أذل فرعون مع ملكه، وأذل قارون مع ماله.

��ويرحم سبحانه بأسباب العذاب كما أنجى الله إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في النار.

��ويعذب بأسباب الرحمة كما دمّر عاداً بالريح العقيم، وأغرق قوم نوح بالماء.

��وينجي سبحانه بأسباب الهلاك كما أنجى الله إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في النار، وأنجى يونس - صلى الله عليه وسلم - في بطن الحوت.

��ويهلك سبحانه بأسباب النجاة كما أهلك فرعون وقومه في طريق البحر اليابس الآمن حين تبعوا موسى - صلى الله عليه وسلم -.

��ويحفظ سبحانه بأسباب الهلاك كما أنجى موسى من الغرق حين ألقي في البحر في التابوت، وحين رباه في بيت عدوه فرعون.

��ويهلك سبحانه بأسباب الحفظ كما أهلك قوم ثمود في بيوتهم بالصيحة.

�� موسوعة فقه القلوب ��

�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��

بسم الله الرحمن الرحيم ��

��الإيمان المطلوب��

الشيخ محمد بن ابراهيم التويجري
        ��حفظه الله��

������
المقطع صوتي للتحميل

http://cutt.us/D2yL

������
المقطع على اليوتيوب

http://youtu.be/JTYXvAPxSag
�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��




فقه العلاقة بين قدرة الله وسنن الله 

��الله تبارك وتعالى  له قدرة وله سنة

��فبقدرته سبحانه :-⤵
خلق السموات والأرض،
وخلق الشمس والقمر،
وخلق الجنة والنار، وخلق الدنيا والآخرة.
خلق الدنيا للابتلاء والزوال والعمل،
وخلق الآخرة للبقاء والأبد،
وخلق الجنة للنعيم، وخلق النار للعذاب.

��وسنن الله نوعان:-⤵
��سنن كونية ..
��وسنن شرعية.

فسنة الله الكونية أن يخرج بأمره سبحانه النور من الشمس، ويخرج الثمر من الشجر، ويخرج الولد من الرحم، والماء من السحب، والكلام من اللسان، والحليب من البقر، والعسل من النحل وهكذا،

فهو سبحانه الخالق وما سواه مخلوق، وقدرته مخفية وراء الأسباب:
��{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)} [الزمر: 62].

وسنة الله الشرعية:-
��أن من آمن وعمل صالحاً أدخله الله الجنة، ومن كفر أدخله الله النار،

��ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها،
��ومن أطاع الله ورسوله سعد في الدنيا والآخرة، ومن عصى الله ورسوله شقي في الدنيا والآخرة.

��والله عزَّ وجلَّ خلق الكون بقدرته، ونظمه وسيره بسننه الكونية والشرعية،

��فتعودنا على السنن الجارية، وغفلنا عن قدرة الله المطلقة،

وقدرته سبحانه فوق سنته، ومن قدرته سبحانه يستفيد المؤمنون خاصة
��كما قال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} ... [الأعراف: 96].

وكل ما خلقه الله في هذا الكون من كبير وصغير، وناطق وصامت، وكل متحرك وساكن، وكل معلوم ومجهول، وكل حاضر وغائب،↔خلقه الله بقدر يحدد حقيقته، ويحدد صفته، ويحدد وظيفته، ويحدد مقداره، ويحدد زمانه، ويحدد مكانه
��كما قال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر: 49]

⤴وفوق هذا التقدير قدرة الله المطلقة، التي يفعل بها ما يشاء في ملكه، والتي تفعل أعظم الأحداث بأيسر أمر
�� كما قال سبحانه: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)} [القمر: 50].

��فهي كلمة واحدة من الله يتم بها كل أمر، الصغير والكبير على حد سواء،
واحدة تنشئ هذا الوجود العظيم، وواحدة تبدل وتغير فيه،
وواحدة تذهب به كما يشاء الله، وواحدة ترده إلى الموت، وواحدة تبعثه في صورة من الصور،
وواحدة تبعث الخلائق جميعاً، وواحدة تجمعهم ليوم الحشر والحساب:
��{مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)} [لقمان: 28].

وسنة الله جارية أن الإنسان إذا تأثر بالشيء جعل الله هذا الشيء فوق رأسه، وسلطه عليه وأذله به،

وإذا تأثر بخالق الشيء سبحانه ولم يتأثر بالشيء، فإن الله يسخر هذا الشيء للمسلم
كما سخر النار لإبراهيم، والبحر لموسى، والماء لنوح، والريح لهود، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

��وكثير من الناس تأثر بقوة المخلوق، ولم يتأثر بقوة الله، وذلك لضعف الإيمان واليقين، فحُرم من الاستفادة من خزائن الله، ومن قدرة الله.
��والله جل جلاله عنده قوة المخلوقات كالرياح والعواصف، والصواعق والزلازل، والمياه والجبال، والخسوف والبراكين،

��والناس عندهم قوة المصنوعات كالصواريخ والمدافع والقنابل، وقوة المخلوقات أعظم من قوة المصنوعات،
فكيف بقوة الله التي لا يقف لها شيء، ولا يعجزها شيء في الأرض ولا في السماء:
��{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)} [الحج: 40].

�� موسوعة فقه القلوب ��

�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��


اﻹستفادة بقدرة الله بكمال اﻹيمان والتقوى
قوة قدرة الله وضعف قدرة المخلوق 

الله قوي عزيز⤵
يفعل ما يشاء، ويخلق ما يشاء، ويغير ما يشاء.
يأتي بالفرج بعد الضيق .. وباليسر بعد العسر ..
وبالأمن بعد الخوف وبالبسط بعد القبض وبالعافية بعد المرض .
وبالليل بعد النهار وبالحر بعد البرد وبالغنى بعد الفقر.
 كل يوم هو في شأن.

��{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)} [السجدة: 5].

��وفي غزوة بدر من السنة الثانية للهجرة أراد الله عزَّ وجلَّ أن يظهر قدرته للمؤمنين،
ويعلمهم كيف يستفيدون من قدرته بواسطة الإيمان والأعمال الصالحة،

��فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مع قلة عددهم وكثرة عدوهم، والتقوا بكفار قريش وصناديدهم في بدر،
��ووقف القليل أمام الكثير،
��وأولياء الرحمن أمام أولياء الشيطان،
��وأهل الحق أمام أهل الباطل،

��فاستغاث النبي - صلى الله عليه وسلم - بربه، وعرض عليه حاله، وحال أصحابه، وحال أعدائه،
��فأجاب دعاءه، وأمدهم بالملائكة، وكان يكفيهم لهزيمة الكفار ملك واحد كجبريل الذي له ستمائة جناح، جناح منها يسد الافق، والذي رفع قرى قوم لوط إلى السماء ثم قلبها عليهم، ولكن لشدة فرح الله باجتماع المؤمنين لإعلاء كلمة الله، ونصرة دينه،
��أمدهم بألف من الملائكة كما قال سبحانه:
�� {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ } [الأنفال: 9].

��ثم أمدهم بثلاثة آلاف، ثم بخمسة آلاف كما قال سبحانه:
��{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ } [آل عمران: 123 - 125].

��ثم بين الله للمؤمنين أن هذا المدد العظيم من الملائكة بشرى للمؤمنين لتطمئن قلوبهم،↔ مذكراً لهم أن النصر حقاً من الله وحده كما قال سبحانه:
��{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } [آل عمران: 126].

وهكذا أظهر الله قدرته، ونصر أولياءه، والذي نصر المؤمنين هناك تكفل بنصر المؤمنين في كل زمان وفي كل مكان كما قال سبحانه:

��{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47].

⏬⏬

�� موسوعة فقه القلوب ��

�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��

⏫⏫
فمتى يستفيد المسلمون من قدره الله، ومن سنة الله في نصر أوليائه؟.

��والله قوي عزيز، وكل قوة في العالم من قوته، وكل عز في العالم من عزته: {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [يونس: 65].

��إن قوة الناس لا تساوي ذرة بالنسبة لقوة المخلوقات التي خلقها الله كالسموات والارض والجبال،
��وقوة المخلوقات كلها لا تساوي ذرة بالنسبة لقوة الله،
��وقوة الناس وقوة المخلوقات كلها بيد الله وفي قبضة الله، يعز بها من يشاء، ويذل بها من يشاء، ويهلك بها من يشاء، والله بكل شيء عليم.

��وبسبب ضعف الإيمان واليقين أصابتنا ثلاث آفات:
الأولى: أننا تأثرنا من قوة المخلوق، فأصبحنا نخافه ونرجوه، فأذلنا الله به.

الثانية: أننا كل يوم نطرق باب المخلوق مع أنه لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً.

الثالثة: أننا أعرضنا عن الخالق القادر المالك لكل شيء، فلا نرجوه ولا نخافه، ولا نقف ببابه، ولا نستقيم على أوامره.

فكيف نستفيد من قدرته، وكيف نستفيد من خزائنه وهذه أحوالنا؟

↩إن ذلك لا يُنال إلا بكمال الإيمان والتقوى.
��وبسبب ضعف الإيمان، وقلة التقوى، أصبحنا نخاف من المخلوق العاجز الضعيف المملوك،
��وعرفنا قوة المخلوق، وجهلنا قدرة الخالق العظيم، وقوة الواحد القهار، وعظمة الملك الجبار:
��{مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)} [الحج: 74].

��إن الناس عندهم قوة المصنوعات، والله عنده قوة المخلوقات،
وقوة المخلوقات التي خلقها الله أقوى وأشد من قوة المصنوعات التي صنعها البشر،
وهذه وتلك لا تفعل شيئاً إلا بإذن الله.

��فهذا الهواء اللطيف الذي خلقه الله، والذي لا يستغني عنه الإنسان،
↩جعله الله بقدرته قوة مدمرة عاتية، وريحاً شديدةً عقيماً، أرسلها الله وسلطها على قوم عاد لما كفروا بالله، وكذبوا رسوله، فدمرت كل شيء بأمر ربها:
��{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41)} مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)} [الذاريات: 41، 42].

↩لقد دمرت أعداء الله، وحفظت أولياءه، وذلك في آن واحد، بأمر واحد، في مكان واحد.
إن هذه قوة مخلوق واحد، فكيف بقوة جميع المخلوقات التي يملكها الله العزيز الجبار .. ؟.
وكيف بقوة الله التي لا يقف لها شيء، ولو اجتمعت لها الخلائق كلها .. ؟.
��{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66)} [هود: 66].

��موسوعة فقه القلوب ��
��جامعة الفقه اﻹسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة��


صور عظمة قدرة الله جل جلاله 

وفرعون وقومه لما كفروا بالله جل جلاله، وكذبوا موسى، ماذا فعل الله بهم؟.

لقد أخرجهم الله من جنات وعيون، وساقهم حتى أدخلهم في طريق في قعر البحر، فتحه الله لموسى (ومن معه من المؤمنين، فدخلوا معه وخرجوا، ثم تبعهم فرعون ومن معه فأطبقه الله عليهم، فهلكوا جميعاً.
{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ *ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ *إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الشعراء: 61 - 68].
��فأنجى الله موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، بماء واحد، وأمر واحد.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ } [هود: 66].

��ولما جاوز الله ببني إسرائيل البحر أصابهم العطش، فدعا موسى ربه .
��فماذا فعل الله لسقي هذا الجيش العظيم، في تلك الصحراء الملتهبة؟.
لقد فجر القوي القدير المياه العذبة من تلك الحجر القاسية إكراماً ونصرةً لموسى ومن آمن معه.
 كما قال سبحانه: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60].

��آيتان خلاف العقل والمألوف:
��الأولى: اضرب البحر يخرج الحجر اليابس .
��والثانية: اضرب الحجر يخرج الماء السائل .

فسبحان القدير الذي يفعل ما يشاء.

��فمتى نستفيد من قدرة الله؟ ومتى نستفيد من خزائن الله؟.

��والنار خلقها الله تذكرةً ومتاعاً للمقوين، وإذا اشتعلت وأرسلت عليها الرياح فمن ذا يطفئها؟ ومن ذا يقف لها؟ ومن ينجو منها؟

��وقد أرسل الله النار على أصحاب الأيكة لما كفروا بالله، وكذبوا شعيباً، فأحرقتهم مع أموالهم التي اكتسبوها بالحرام.
 كما قال سبحانه {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الشعراء: 189].

فأحرق الله الكافرين، وأنجى المؤمنين، بنار واحدة، وأمر واحد.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ *وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الشعراء: 190، 191].

��وأشعل الكفار ناراً عظيمة لإحراق خليله إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -
��فماذا فعل الله بها؟.
{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ *قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} [الأنبياء: 68 - 70].

��لقد توجه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بكليته إلى ربه، ولم يلتفت إلى أحد سواه، فأمر الله النار مباشرة، وغَّير حالها بقدرته من الضرر إلى النفع، ومن الهلاك إلى النجاة، وبقيت بقدرة الله تشتعل ولا تحرق، وانقلبت فوراً من الحرارة إلى البرودة مع السلامة.

��إن خلق السموات والأرض أكبر وأقوى منهم.
 كما قال سبحانه: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [غافر: 57]

��وخَلْق الملائكة أقوى وأعظم من السموات والأرض.
��خَلْق جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وحملة العرش،
أعظم من السموات والأرض وأقوى.
��جبريل خلقه الله له ستمائة جناح، جناح منها يسد الأفق،
��وبطرف جناحه رفع خمس قرى من قرى قوم لوط إلى السماء ثم قلبها، فهذه قوة ريشه من جناحه، فكيف لو استخدم كل جناحه؟
�� وكيف تكون قوته لو استخدم أجنحته الستمائة؟ .. وكيف تكون قوته لو استخدم جميع بدنه؟ ..
�� وإذا كانت هذه قوته فكم تكون قوة خالقه الكبير المتعال .. ؟.

��وميكائيل بأمر الله يكيل المياه والأرزاق للخلائق التي لا يعلم عددها وأنواعها وأماكنها وأعمارها إلا الله العليم الخبير ..
��وإذا كانت هذه قدرته فكم تكون قدرة خالقه العزيز الجبار .. ؟.

��وإسرافيل بنفخة واحدة منه يصعق من في السموات والأرض، وبنفخة أخرى منه يحيا كل شيء.
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)} [الزمر: 68].
��فهذه قوة نفخته، فكم تكون قوة بدنه؟،
��وكم تكون قوة خالقه الكبير المتعال؟.

وكذلك الله عزَّ وجلَّ أعطانا الإسلام أقوى من الملائكة، فحينما نقوم به، ونعمل بأحكامه، يكون الله سبحانه معنا، يعزنا وينصرنا على أعدائنا.
�� وإذا كان الله معنا فمن ذا يهزمنا؟
 {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ
اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } [النحل: 128].

وجميع الأنبياء والصحابة لما أطاعوا الله، وامتثلوا أوامره، ونصروا دينه، نصرهم الله عزَّ وجلَّ، وخذل أعداءهم.ولما عظَّموا الله، وصغَّروا ما سواه، رفع الله مكانتهم، وأعزهم بين العالمين.
{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } [الحج: 40، 41].

��والله تبارك وتعالى على كل شيء قدير، يحاسب الخلق كلهم يوم القيامة في لحظة واحدة.
↩كما يرزقهم كلهم في الدنيا في لحظة واحدة، لا يشغله رزق أحد عن رزق الآخر.

 لأن الطاقة والقدرة تشكل إذا كانت محدودة، أما قدرة الله فهي مطلقة، والله قدير لا يعجزه شيء، ولا يشغله شأن عن شأن.
{لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } [إبراهيم: 51].

��وهؤلاء البشر المنتشرون على وجه الأرض مع الكائنات الأخرى.
من خلقهم .. ؟ من أنشأهم .. ؟، من يطعمهم .. ؟، من يدبرهم .. ؟، من يقلب أفئدتهم وأبصارهم .. ؟، من يقلب ليلهم ونهارهم .. ؟.

��أما لهذا الخلق من خالق .. ؟، أما لهذا الخالق من أوامر .. ؟، أما لهذه الكائنات من مدبر .. ؟، أما لهذه الصور من مصور .. ؟، أما لهذه الأحياء من محيي .. ؟.

بلى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54].

��وهذه الحياة في النباتات والحيوانات من بثها في هذا الموات؟

�� موسوعة فقه القلوب ��
��جامعة الفقه اﻹسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة��

 تعظيم  قدرة الخالق بتحقيق العبودية 

ألا ما أعظم الخالق .. وما أعظم ما خلق من المخلوقات العجيبة.
��وهذا البرعم الصاعد .. وهذا الحب المتراكب .. وهذا النجم الثاقب، وهذا الكوكب الساطع .. وهذا الصبح البازغ .. وهذا الليل السادل .. وهذا البحر المسجور .. وهذه الرياح العاصفة .. وهذه البهائم السائمة .. وهذه الطيور الطائرة .. وهذه الأسماك السابحة .. وهذه السماء المرفوعة .. وهذه الأرض الممدودة.
��هذا كله من وراءه .. ؟، ومن خلقه .. ؟، ومن يكلؤه .. ؟ وماذا وراءه من أسرار ومن أخبار .. ؟، وماذا فيه من العجائب والمنافع والعبر .. ؟.
��{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [لقمان: 11].
��وهذه الأمم المختلفة من خلقها؟، وهذه القرون من أنشأها؟، وهذه الأقوام من أهلكها؟ وهذه الصغار من كبرها؟، وهذه الاشجار من أنبتها؟.
أمم تذهب .. وأمم تجيء .. وأمم تهلك .. وأمم تستخلف.
من ذا يستخلفها؟ .. ومن ذا يهلكها؟ .. وإلى أين تذهب .. ؟.
��{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } [الأنعام: 38].

��إن الله وحده هو الخالق، هو القادر، هو المالك، هو الرازق، هو العليم بالغيوب والأسرار.
��{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [الحشر: 24].

��وفي كل لحظة تنفلق بأمر الله الحبة الساكنة عن نبتة نامية .. وتنفلق النواة الهامدة عن شجرة صاعدة .. وتنفلق البيضة الساكنة عن طير يتحرك ويأكل ويشرب.
��وفي كل لحظة يتكون بأمر الله من النطفة الهامدة جثة متحركة، ذات سمع وبصر وعقل، في كل قرية، وفي كل مكان، وفي كل زمان.
��وفي كل لحظة تتحول الصحاري القاحلة إلى رياض مزهرة مثمرة.
�� {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } [الأنعام: 95].

��وفي كل لحظة تهب رياح .. وفي كل وقت تحمل الرياح سحاباً .. وفي كل فترة ينزل من السماء ماء. وفي كل لحظة يخرج من الأرض نباتٌ .. وفي كل آن يطلع من الأشجار ثمارٌ .. وفي كل لحظة يخرج من بطون الأمهات أولادٌ.
��وفي كل لحظة يموت أحياء .. ويولد أحياء .. وكل إليه راجعون
�� {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ *وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }[المؤمنون: 79، 80].

فسبحان من خلق البشرية كلها من نفس واحدة، وجعل لها مستقراً ومستودعاً،
�� فنفس هي مستودع لهذه الخلية في صلب الرجل،
�� ونفس هي مستقر لها في رحم الأنثى،
ثم تأخذ الحياة بتقدير العزيز العليم في النمو والانتشار، فإذا أجناس وألوان، وذكور وإناث، وشعوب وقبائل، ونماذج وصور لا تحصى.
�� {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 98].

فسبحان من خلق هذه الخلائق، وأوجد الأعداد المناسبة من الذكور والإناث في عالم الإنسان، لكي تبقى الحياة والأحياء على وجه الأرض في توازن دائم.
��{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ *أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } [الشورى: 49، 50].

��إن مبدع هذه المخلوقات العظيمة، وخالق هذه الكائنات العجيبة، هو الرب الملك القادر، الذي يستحق أن يُعبد وحده، وأن يُطاع فلا يُعصى، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى،
��وأن يتلقى منه وحده منهج الحياة كله،
��وأن لا يكون لغيره أمر ولا نهي، ولا شرع ولا حكم، ولا تحليل ولا تحريم،
��فذلك كله لله وحده لا شريك له.

��وكل هذه المخلوقات، وكل هذه الكائنات تجري وفق
سنة كونية أودعها الله في هذا الكون، يصاحبها قدر الله المصاحب لكل مخلوق.

��وكلما حدث حدث وفق سنة الله، وكلما تمت حركة وفق قدر الله، انتفض هذا القلب،
يرى قدر الله ينفذ، ويرى الخالق يخلق، ويرى الملِك يدبر في ملكه، ويرى الكريم يجود بفضله على خلقه آناء الليل وآناء النهار.

فيسبح بحمد ربه، ويكبره ويعظمه، ويذكره ويراقبه في كل لحظة، وفي كل حركة، ويشارك المخلوقات في أداء هذه العبادة لربه.
��{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الجمعة: 1].

��ألا ما أعظم ربنا .. وما أعظم قدرته .. وما أعظم خلقه .. وما أسعد من أطاعه .. ؟.
��فهل من ذاكر؟، وهل من شاكر؟، وهل من منيب؟، وهل من مستجيب؟.

وهل بقي بعد ذلك مجال لغير السمع والطاعة لله والرسول؟
�� {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24].

��فما أحسن الاستجابة لله والرسول، وما أجدر العاقل بذلك،

�� وإن التولي عن الرسول وما جاء به من الدين بعد هذا كله ليبدو مستنكراً قبيحاً، لا يقدم عليه إنسان له قلب يتدبر، وعقل يتفكر.
��{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} [الأنفال: 20].

��وهل يليق بالإنسان أن يعيش كالبهائم والأنعام والدواب؟، بل شر من الدواب، وأضل من البهائم، يُدعى فلا يستجيب، ويُؤمر فلا يطيع.
�� {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22].

��موسوعة فقه القلوب ��

��جامعة الفقه اﻹسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��


 عظمة قدرة الله في تقسيم الأرزاق 

الله تبارك وتعالى هو الرزاق الذي تكفل بأرزاق الخلائق كلها، الناطق والصامت .. والذاكر والغافل .. والسائل والساكت .. والمطيع والعاصي.

��يرزق سبحانه جميع المخلوقات المبثوثة على وجه الأرض، والساكنة في باطن الأرض، والطائرة في جو السماء، والسابحة في قعر البحر، يعلم سبحانه أعدادها، وأصنافها، وحاجاتها، ويسوق لها أرزاقها في كل حين: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)} [هود: 6].

��فسبحان الحي القيوم الذي خلق هذه الخلائق، وقسم أرزاقها، مع تباعد ديارها، واختلاف حاجاتها، ألا إنه بكل شيء بصير.

والأرزاق التي خلقها الله، والأرزاق التي يخلقها في كل حين ليس لها حد، ولا يحصيها أحد، وما يدركه البشر ويرونه ويعلمونه من رزق الله لا يساوي ذرة بالنسبة لما لا يعلمونه، ومقدار ما يعلمون لا يساوي قطرة من بحر بالنسبة لما في خزائن الله المملوءة بأصناف الأرزاق.

��ولا يزال البشر يهتدون كل يوم إلى رزق من أرزاق الله التي بثها في هذا الكون العظيم.

فمن سطح الأرض أرزاق لا تحصر .. ومن جوفها أرزاق لا تعد .. ومن سطح الماء أرزاق .. ومن أعماق البحر أرزاق .. ومن أشعة الشمس أرزاق .. ومن ضوء القمر أرزاق .. ومن الجبال أرزاق .. ومن الرياح أرزاق.
��وفي السماء أرزاق لا يعلمها إلا الله:
{وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)} [المنافقون: 7].

��وهذه الخلائق في البر والبحر إنما تصرف لها أرزاقها، وتعطى من خزائن الله، وهي لا تنقص مع الأخذ المستمر على مر الدهور والأزمان، بل جميع ما في الدنيا والآخرة من الأرزاق لا يساوي ذرة بالنسبة لما في خزائن الله من الأرزاق.

قال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)} [ص: 54] .

��وكل ما في الكون من مخلوقات وأشياء وأحوال فخزائنها عند الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} [الحجر: 21].

��فسبحان العليم القدير الذي خلق الخلائق، وقسم أرزاقها، وعلم آجالها، وقهرها بجبروته، وصرفها بقدرته، وملكها بسلطانه.

ألا ما أجهل الإنسانَ بعظمة ربه، وما أقل شكره لنعمه.

فمتى يصحو ويفيق ويستجيب؟

والله شكور حليم غفور رحيم فمتى نتوب
اليه؟:
 {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر: 53].

��والله جل جلاله هو الملك الذي له الخلق والأمر في الكون كله: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54].

��فالله وحده هو الذي يدبر الأمر في السموات والأرض.

فالسماء لها أوامر .. والأرض لها أوامر .. والبحار لها أوامر .. والجبال لها أوامر .. والرياح لها أوامر .. والشمس لها أوامر .. والقمر له أوامر .. والنبات له أوامر .. والحيوان له أوامر .. والإنسان له أوامر .. وكل شيء خلقه الله في هذا الكون له أوامر.

��وكل سامع مطيع مقهور مستجيب لأوامر الله الكونية، أما أمر الله الشرعي فهو موجه إلى الإنس والجن، وقد منحهم الله الاختيار في قبوله أو رده: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)} [يونس: 31].

�� موسوعة فقه القلوب ��

�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��



عظمة قدرة الله في حياة وموت الخلائق

الله جل جلاله هو الذي:
{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)} [الروم: 19].
⤴إنها عملية دائبة لا تكف ولا تني لحظة واحدة من لحظات الليل والنهار في كل مكان في هذا الكون، على سطح الأرض، وفي أجواء الفضاء، وفي أعماق البحار.

��ففي كل لحظة يتم هذا التحول، وفي كل لحظة يخرج الله حياً من ميت، وميتاً من حي.

��وفي كل لحظة يخرج الله برعماً ساكناً من جوف حبة أو نواة، يفلقها ويخرج إلى ميدان الحياة مع الأحياء.

��وفي كل لحظة يجف عود أو شجرة، تستوفي أجلها فتتحول إلى هشيم أو حطام، وفي هذا الهشيم والحطام ترقد الحبوب الساكنة المتهيئة للحياة والإنبات مستقبلاً.

��وفي كل لحظة تدب الحياة بأمر الله في جنين إنسان أو حيوان أو طائر،
��وفي كل لحظة تخرج أجيال بقدرة الله في مشارق الأرض ومغاربها، وتموت أجيال كذلك ..

��فسبحان الحي الذي يملك الموت والحياة ..
��فيحيي ويميت من شاء من خلقه .. أمم وخلائق تستقبل الحياة .. وأمثالها تودع الحياة.

والله على كل شيء قدير أخرج من التراب الساكن الميت، الإنسان الحي المتحرك
��كما قال سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)} [الروم: 20].

▪وهو سبحانه الذي خلق البشرية من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وخلق كلاً منهما على نحو يجعله موافقاً للآخر،
▫وأودع نفوسهم العواطف والمشاعر، وجعل في تلك الصلة سكناً للنفس والعصب، وراحة للجسم والقلب، وطمأنينة للرجل والمرأة على السواء:
��{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [الروم: 21].

وهو سبحانه القدير الذي خلق السموات والأرض، هذا الخلق الهائل العظيم الدقيق،
▪وخلق هذه المخلوقات العظيمة في جو السماء من الأفلاك، والمدارات، والنجوم، والكواكب، والمجرات، مع الضخامة الهائلة، والتناسق العجيب فيما بينها،
▫وخلق ما بينها من المسافات والأبعاد التي تحفظها من التصادم والخلل، هذا من ناحية أحجامها وسيرها.

↩وأما أسرار هذه الخلائق الهائلة، وعجائبها وطبائعها، وما يستكن فيها، وما يظهر عليها،↔ فهذا كله أعظم من أن يلم به الإنسان، وحتى الآن لم يعرف عنه البشر إلا القليل:
��{أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) [نوح: 15، 16].

▪وفي الأرض آيات وكائنات وعجائب لا يحيط بها إلا الله،
من سهول وجبال، وتراب ومياه، ونبات وحيوان، وجواهر ومعادن خلقها الله بقدرته، مختلفة الأحجام والألوان، والطبائع والمنافع.

فهذه قدرته سبحانه في خلق سماء واحدة، وأرض واحدة،
فكيف بخلق السموات السبع وما فيهن، وكيف بخلق الأرضين السبع وما فيهن؟:
{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22)} [الروم: 22].

ومع آية خلق السموات والأرض العجيبة اختلاف الألسنة والألوان بين البشر مع اتحاد الأصل والنشأة وصفة الخلق.

فكم لسان في العالم .. وكم لغة في العالم .. وكم لهجة في العالم .. وكم ألوان البشر في العالم .. وكم صورة وشكل لكل بشر في العالم.
فقلما يشتبه رجلان أو امرأتان في العالم.

فسبحان الخالق البارئ المصور الذي فاوت بينهم في الأشكال والألوان والأحجام واللغات والأصوات والأسماع والأبصار والعقول.

الله سبحانه الحي القيوم، قيوم السموات والأرض،
وقيام السموات والأرض منتظمة سليمة مقدرة الحركات لا يكونإلا بأمره سبحانه،
وكل من في السموات والأرض خاضعون لله، يتصرف فيهم خالقهم وفق ما يريد تصرفه بباقي العبيد:
��{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25)} [الروم: 25].

��موسوعة فقه القلوب��

��جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��


تعظيم قدرة الله بالتفكر في اﻵيات الكونية

��إن في خلق الشمس آية .. وفي نورها آية .. وفي حركتها آية .. وفي اشتعالها آية.

��إن هذه الكتلة الهائلة الملتهبة، والتي يخرج منها هذا النور العظيم، وهذه الحرارة الموزونة،
وبهذا النور وبهذه الحرارة تجري بأمر الله في مسارات مختلفة في فضاء هذا الكون العظيم،
وهي مأمورة مدبرة، سامعة مطيعة:

��{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)} [يس: 38].

إن ذلك كله يدل بلا شك على كمال قدرة الله الذي يصرف هذا الوجود عن قوة وعلم وحكمة.

��إن رؤية الآيات الكونية، وتدبر الآيات القرآنية، كفيل بتحريك القلوب، واستجاشة الشعور،
لتعظيم بارئ الوجود وعبادته وطاعته.

فسبحان من خلق هذا الكون، ومن يحكم هذه الأجرام الهائلة، ويقهرها على ما يريد، ويخرج منها المنافع على مدى الدهور والأزمان.

هناك تعليق واحد:

  1. جزاك الله خيرا الله خير اخي وبارك الله فيك ونفع بشيخنا محمد التويجري

    ردحذف