الخميس، 18 ديسمبر 2014

فقه أسماء الله الحسنى(الملك-العزيز-الجبار)


5⃣
�� فقه الحسن في اسم الله "الملك" ��

��ومن أسمائه الحسنى عزَّ وجلَّ: الملك، والمالك، والمليك.

⚡قال الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)} [المؤمنون: 116].

⚡وقال الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} [آل عمران:26].

⚡وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} [القمر: 54، 55].

��الله تبارك وتعالى هو الملك الذي له ملك السموات والأرض وما فيهن، والملك هو النافذ الأمر في ملكه، والملك أعم من المالك، إذ ليس كل مالك ينفذ أمره وتصرفه فيما يملكه.

��فهو سبحانه ملك الملوك، ومالك الملك، ومالك الممالك، له الملك كله في الدنيا والآخرة، وله ملك السموات والأرض، وما فيهن من الملائكة والملوك والممالك والمماليك.

��وسائر المخلوقات في العالم العلوي والعالم السفلي ملكه:
��من شمس وقمر، وليل ونهار، وكواكب ونجوم، وملائكة وأرواح، وإنس وجن، وطير وحيوان، وجماد ونبات، وبحار وأنهار، وسحب ومياه، وتراب وجبال، وهواء ورياح، وغير ذلك مما لا يمكن إحصاؤه، أو الوقوف على آحاده:
⚡{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)} ... [المائدة: 120].

��وهو سبحانه الملك الحق، الحي القيوم، القادر الذي لا يثقل عليه، ولا يعجزه حفظ هذا الملك العظيم، الواسع الكبير:
⚡{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} [البقرة: 255].

��والله جل جلاله هو الملك الذي يتصرف في ملكه كيف يشاء، وكل يوم هو في شأن، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويرفع قوماً، ويخفض آخرين، ويفعل ما يشاء:
⚡{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)} ... [آل عمران: 26، 27].

��والله عزَّ وجلَّ مالك يوم الدين، والملك في ذلك اليوم العظيم لله الواحد القهار، لا ينازعه فيه أحد من ملوك الدنيا وجبابرتها:
⚡{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26)} [الفرقان: 26].

⬅فيحكم الملك الحق في ذلك اليوم بالحكم الذي لا يجور، ولا يظلم أحداً مثقال ذرة، ويجازي المحسن بإحسانه، ويجازي المسئ بإساءته.
��عَنْ عبد اللهِ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ: أنَّ الله يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ أنَا الْمَلِكُ.
��فَضَحِكَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقاً لِقَوْلِ الْحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
⚡{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر:67]» متفق عليه .
��والله سبحانه من كمال ملكه كمال رحمته، وكمال قدرته كما قال سبحانه:
⚡{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} [الفاتحة: 2 - 4]

��والله تبارك وتعالى هو الملك الحق، وله الملك في السموات والأرض، وله الملكوت والجبروت، والكبرياء والعظمة، والعزة والقوة:
⚡{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)} ... [الحشر: 23].

⬅وصفة الملك تستلزم سائر صفات الكمال:
��فالملك الحقيقي التام يستلزم ⬅الحياة المطلقة .. والقدرة التامة .. والعلم الشامل .. والإرادة النافذة .. ويستلزم⬅ السمع والبصر .. والكمال والفعل .. وغير ذلك من صفات الكمال والجلال والجمال.

��فالله سبحانه هو الملك القوي القادر القاهر، الذي يدبر الأمر، ويصرف الأحوال، ويقلب الليل والنهار، ويفعل
ما يشاء، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ملك عظيم قادر حكيم:
��يأمر وينهى .. ويثيب ويعاقب .. ويعطي ويمنع .. ويعز ويذل .. ويكرم ويهين .. وينعم وينتقم .. ويخفض ويرفع .. ويحيي ويميت .. ويرسل الرسل إلى أقطار مملكته .. ويحكم عباده بأمره وشرعه، ويتقدم إليهم بأمره ونهيه، ويعمهم بفضله ورحمته:
⚡{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14)} [الفتح: 14].

��وكمال ملكه سبحانه لا بد أن يكون مقروناً بكمال حمده، وعموم حمده يستلزم ألا يكون في خلقه وأمره مالا حكمة فيه، وهو سبحانه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأحسن الخالقين.

��وإذا كان المُلك المطلق إنما هو لله وحده لا شريك له،
⏪ فالطاعة المطلقة إنما هي له وحده لا شريك له، لأن ما سواه من ملوك الأرض وغيرهم إنما هم عبيد له، وتحت أمره وقهره،
�� فلا بد من تقديم طاعة الملك الحق على طاعة من سواه، وتقديم حكمه على حكم غيره، ولا طاعة لأحد إلا في حدود طاعته، أما في معصيته فلا سمع ولا طاعة لأحد كائناً من كان.

��وقد يسمى بعض المخلوقين ملكاً إذا اتسع ملكه، إلاأن الذي يستحق هذا الاسم على وجه الكمال هو الله جل جلاله، لأنه مالك الملك، وليس ذلك لأحد غيره سبحانه.

��والمخلوقات كلها مملوكة لله، محتاجة إليه، لا تملك من السموات والأرض شيئاً، ولا مثقال ذرة، ولا تنفع أحداً ولا تضره إلا بإذن الله سبحانه:
⚡{قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)} [المائدة: 76].

��ومن الناس من يطغى، ويظن أنه المالك الحقيقي، وينسى أنه مستخلف فقط فيما آتاه الله من ملك ومال، وجاه وسلطان، فيتكبر ويتجبر، ويظلم الناس بغير حق، ويفسد في الأرض كما قال فرعون لقومه:
⚡{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51)} [الزخرف:51].
⚡وقال لقومه: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} [النازعات: 24].

⬅فلما جنى هذه الجناية العظمى، ودعا قومه إلى هذه الضلالة الكبرى، واستجابوا له عاقبهم الله وأغرقهم جميعاً:
⚡{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (56)} [الزخرف: 54 - 56].

��وإهلاك الله عزَّ وجلَّ لفرعون وقومه عبرة لكل ظالم متكبر من ملوك الأرض،
⬅ تفرعن على الناس فيما آتاه الله من ملك، وظن أنه مخلد، ونسي أن ملكه زائل، وأن إقامته في ملكه مؤقتة، وإن ربك لبالمرصاد لكل طاغية.

��فسبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، وتبارك:
⚡{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)} [البروج: 9].

�� موسوعة فقه القلوب��

�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة��

6
��الكمال المطلق الحق "للملك" سبحانه ��

♦الله تبارك وتعالى هو الملك الحق، والملك الحق هو الذي يكون له الأمر والنهي، ويتصرف في خلقه وأمره كما يشاء، فمن ظن أن الله عزَّ وجلَّ خلق خلقه عبثاً لم يأمرهم ولم ينههم، فقد طعن في ملكه، ولم يقدره حق قدره:
⚡{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)} [الأنعام: 91].

◀فكل من جحد شرع الله، وأمره ونهيه، وجعل الخلق بمنزلة الأنعام المهملة، فقد طعن في ملك الله، ولم يقدره حق قدره.

��وكونه تعالى إله الخلق يقتضي كمال ذاته وأسمائه وصفاته، ووقوع أفعاله على أكمل الوجوه وأتمها، فكما أن ذاته الحق، فقوله الحق، ووعده الحق، وأمره الحق، ولقاؤه حق، والجنة حق، والنار حق، وأفعاله كلها حق، فمن أنكر شيئاً من ذلك فما وصف الله بأنه الحق.

❓وكيف يظن أحد بالملك الحق أن يخلق خلقه عبثاً، وأن يتركهم سدى، لا يأمرهم ولا ينهاهم، ولا يثيبهم ولا يعاقبهم؟❓:
⚡{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)} [المؤمنون: 115 - 116].

��وهو سبحانه الملك الذي خلق الممالك كلها، المتصرف فيها كيف يشاء وحده، تصرف ملك قاهر عادل رحيم تام الملك، لا ينازعه في ملكه منازع، ولا يعارضه فيه معارض.

��وتصرفه سبحانه في ملكه دائر بين العدل والإحسان، والحكمة والمصلحة، والرحمة والمغفرة، لا يخرج تصرفه عن ذلك:
⚡{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)} [الجاثية: 36، 37].

��والله تبارك وتعالى هو الملك الذي له ملك كل شيء، وله ملك السموات والأرض، وله وحده الملكية الشاملة المطلقة في هذا الكون، والناس ليس لهم ملكيةً ابتداءً لشيء، إنما لهم استخلاف من الملك الواحد الذي يملك كل شيء، ويستخلف من يشاء، وعليهم أن يخضعوا في خلافتهم لشروط المالك الذي استخلفهم، فإن خالفوا فإن الله سيسألهم ويحاسبهم ويعاقبهم.

◀فالله أعطى آل إبراهيم الملك والنبوة والكتاب، وآتى فرعون الملك والسيادة، وابتلى هذا .. وابتلى ذاك، فخسر هذا .. وفاز ذاك كما قال سبحانه:
⚡{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)} [النساء: 54 - 55].

��فسبحان الملك الذي بيده ملكوت كل شيء، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، وله ملك السموات والأرض وما بينهما، وله العزة والكبرياء، وله القهر والسيطرة المطلقة على هذا الكون العظيم، سيطرة الملكية والاستعلاء، وسيطرة التصريف والتدبير، وسيطرة التبديل والتغيير.

��باقٍ لا يفنى، قوي لا يغلب، عدل لا يظلم، جبار لا يقهر، قادر لا يعجزه شيء، غني لا يحتاج إلى شيء.

��واحد لا شريك له في ملكه وخلقه وتدبيره:
⚡{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)} [الفرقان: 1، 2].

��سبحانه وتعالى خلق كل شيء فقدره تقديراً .. قدر حجمه وشكله .. وقدر وظيفته وعمله .. وقدر مكانه وزمانه .. وقدر بقاءه وفناءه.

��فله الحمد على ملكه العظيم .. وله الشكر على عطائه الجزيل.

��«اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ.

��اللَّهُمَّ لَكَ أسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ، أنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأنْتَ الْمُؤَخِّرُ،
لا إلَهَ إلا أنْتَ، أوْ: لا إلَهَ غَيْرُكَ» متفق عليه

�� موسوعة فقه القلوب��

�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة��


7⃣
��الحسن في اسم الله "العزيز" وفقه أسباب العزة ��

��ومن أسمائه الحسنى عزَّ وجلَّ: العزيز.

⚡قال الله تعالى: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)} [الحج: 74].

⚡وقال الله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)} [الصف: 1].

��الله تبارك وتعالى هو العزيز، القاهر الذي لا يغلب ولا يقهر، المنيع الذي لا يرام جنابه، فلا ينال جنابه لعزته وعظمته، وجبروته وكبريائه، العزيز الذي لا مثل له ولا نظير، الغالب الذي لا يعجزه شيء، القوي القاهر الذي لا يقف له شيء:
⚡{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66)} [ص: 66].

��وهو سبحانه العزيز الذي له العزة كلها:
��عزة القوة ..
��وعزة الغلبة ..
��وعزة الامتناع .. ◀فامتنع سبحانه أن يناله أحد من المخلوقات، وقهر جميع المخلوقات، ودانت له الخليقة كلها، وخضعت لعظمته وذلت لجبروته:
⚡{وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65)} [يونس: 65].

��والله جل جلاله هو العزيز، وله العزة جميعاً، فنواصي العباد بيده، ومشيئته نافذة فيهم، وهو القاهر لهم على ما أراد.

��فمن أراد العز في الدنيا والآخرة فليطلبه من رب العزة تبارك وتعالى، مالك الدنيا والآخرة، وذلك يحصل بكمال الإيمان والتقوى، ولزوم طاعة الله عزَّ وجلَّ:
⚡{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].

��ومع عظم الطاعة وحسنها وكمالها ودوامها تزداد العزة، فأعزُّ الناس هم الأنبياء، ثم الذين يلونهم من المؤمنين المتبعين لهم، فعزة كل أحد بقدر علو رتبته في الدين، وكلما كانت هذه الصفة فيه أكمل، كان وجدان مثله أقل، وكان أشد عزة، وأكمل رفعة، ولهذا قال سبحانه:
⚡{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)} [المنافقون: 8].

▫ومن أسباب العزة :��
��العفو
��والتواضع.

��عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلا عِزّاً، وَمَا تَوَاضَعَ أحَدٌ لِلَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللهُ» أخرجه مسلم .

��ومن طلب العزة عند غير الله تعالى، وبغير طاعته ضل وذل، وأخطأ سبيل العزة وطريقها، وضل مع الضالين والمنافقين:
⚡{الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)} [النساء: 139].

��والله سبحانه هو العزيز الذي لا يضام، المعز الذي يعز من يشاء، ويذل من يشاء، وهو رب العزة كما قال سبحانه:
⚡{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)} ... [الصافات: 180 - 182].

��وقد وصف الله عزَّ وجلَّ كتابه بالعزيز كما قال سبحانه:
⚡{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصلت: 41 - 42].

↩أعزه الله لأنه كلامه، فكلامه عزيز محكم، لا يتطرق إليه الباطل، فلا يستطيع أحد تغييره ولا تبديله، ولا إلحاق ما ليس منه فيه.

��والله عزيز رحيم، بعزته يقدر على إيصال الخير، ودفع الشر عن عبده إذا سأله، وتوكل عليه، وأحسن الظن به:
⚡{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)} [الشعراء: 217 - 220].

��اللهم أعز الإسلام والمسلمين ..
��وانصر عبادك المؤمنين ..
��وأخذل أعداءك أعداء الدين .. ياقوي يا عزيز.
��أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني.

�� موسوعة فقه القلوب ��

�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��

8⃣
��فقه الحسن في اسم الله "الجبار"��

��ومن أسمائه الحسنى عزَّ وجلَّ: الجبار.

⚡قال الله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)} [الحشر: 23].

��وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تَكُونُ الأرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأ أحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلاً لأهْلِ الْجَنَّةِ» متفق عليه .

��الله تبارك وتعالى هو الجبار، العالي على خلقه، القاهر خلقه على ما أراد من أمر ونهي، الذي جبر الخلق على ما يريد، والذي جبر مفاقر الخلق، وكفاهم أسباب الرزق والمعاش في الدنيا والآخرة.

��وهو سبحانه الرؤوف الجابر
��للقلوب المنكسرة،
��وللضعيف العاجز،
��ولمن لاذ به ولجأ إليه من خلقه.

��وهو جل جلاله الجبار الذي له العلو على خلقه:
��علو الذات ..
��وعلو القدر ..
��وعلو الصفات ..
��وعلو القهر والجبروت.

��جبر خلقه على ما أراد أن يكونوا عليه من خلق .. ولا يمتنع عليه شيء منهم أبداً، ولا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه:
⚡{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82].

��وهو سبحانه الذي جبر خلقه على ما شاء من أمر ونهي، فشرع لهم من الدين ما ارتضاه هو كما قال سبحانه:
⚡{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

◀فشرع للعباد ما شاء من الشرائع، وأمرهم باتباعها، ونهاهم عن العدول عنها، فمن آمن فله الجنة، ومن عصى فله النار، ولم يجبر أحداً من خلقه على إيمان أو كفر، بل جعل لهم المشيئة في ذلك، وهم مع ذلك لا يخرجون عن مشيءته كما قال سبحانه:
⚡{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} ... [التكوير: 27 - 29].

��فسبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة.

��إن الجبروت لله وحده، فهو الذي قهر الجبابرة بجبروته، وعلاهم بعظمته ومجده، الجبار الذي لا يجري عليه حكم حاكم، ولا يتوجه عليه أمر آمر.

��فهو سبحانه آمر غير مأمور، قاهر غيرمقهور، وما سواه من المخلوقات فهو مقهور مملوك، ضعيف عاجز، فقير فان،
❓❗ومن هذه صفته من المخلوقات كيف يليق به التكبر والتجبر وهذه حاله؟.❓❗

��والله عزَّ وجلَّ مدح نفسه بأنه العزيز الجبار،
◀وأما المخلوق فاتصافه بالجبار ذم له ونقص كما قال سبحانه:
⚡{كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)} [غافر: 35].

✒والجبارون والمتكبرون يحشرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناس
�� وقد توعد الله العزيز الجبار كل متكبر، وكل جبار بالعذاب الأليم يوم القيامة كما قال سبحانه:
⚡{وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)} [إبراهيم: 15 - 17].

��وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: مَا لِي لا يَدْخُلُنِي إِلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ.
��قَالَ الله تَبَارَكَ وَتعالى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِكِ مَنْ أشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ: فَلا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قط، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إلى بَعْضٍ، وَلا يَظْلِمُ الله عزَّ وجلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَداً، وأَمَّا الْجَنَّةُ: فَإِنَّ الله عزَّ وجلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقا» متفق عليه

�� موسوعة فقه القلوب��

�� جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة ��

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق