الجمعة، 19 ديسمبر 2014

فقه أحكام الأسماء والصفات الدروس من(15-19)

1⃣5⃣
_فقه تنزيه الله عما لا يليق به سبحانه _

_الصفات تنقسم إلى ثلاثة أقسام_
_الأول: صفات كمال مطلق كالقوة والعزة ونحوهما، فهذه ثابتة لله وحده.

_الثاني: صفات كمال مقيد كالخداع والمكر والكيد ، وهذه لا يوصف الله بها إلا بقيد ، فنقول الله يمكر بالماكرين، ويستهزئ بالمنافقين، ويخادع من خادعه، ويكيد لمن كاد أولياءه.

_الثالث: صفات نقص مطلق كالعجز والخيانة ونحوهما، فهذه لا يوصف الله بها، لأنها نقص على الإطلاق.
_وصفات الله تبارك وتعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه كالحياة، والعزة، والقدرة، والعلم، والسمع، والبصر، والرحمة، والعظمة وغيرها من صفات الكمال والجلال والجمال.

_وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حق الله تعالى كالموت والجهل، والنسيان والعجز، والعمى والصمم ونحوها.
_كما قال سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58].
_وقوله سبحانه: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)} [طه: 52].
_وقوله سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)} [فاطر: 44].
_وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَا أيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ وَلا غَائِباً، إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتعالى جَدُّه» متفق عليه .

_وقد نزه الله نفسه عما يصفه به الجاهلون من النقائص فقال سبحانه:
_{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)} [الصافات: 180 - 182].

_وإذا كانت الصفة كمالاً في حال، ونقصاً في حال، فلها حكمان:_

_فتجوز في الحال التي تكون كمالاً،
_وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً،
⤴وذلك كالكيد والمكر، والاستهزاء والخداع ونحوها،⬅ فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابل من يعاملون الفاعل بمثلها، وتكون نقصاً ومذمومة في غير هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله من صفاته على سبيل الإطلاق، وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها.
_فالمكر كقوله: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} [الأنفال: 30].
_والكيد كقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)} [الطارق: 15، 16].
_والاستهزاء كقوله عن المنافقين: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)} [البقرة: 14، 15].
_والخداع كقوله: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142].

_وباب الصفات أوسع من باب الأسماء،
⬅لأن كل اسم متضمن لصفة ، فالعليم متضمن للعلم، والعزيز متضمن للعزة، ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله سبحانه لا منتهى لها، كما قال سبحانه: _{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)} [لقمان: 27].

_ومن صفات الله التي يوصف بها ولا يسمى بها
⬅المجيء والإتيان، والنزول والكلام، والأخذ والإمساك، والبطش والإرادة، وغير ذلك من الصفات التي لا تحصى.
_فالمجيء كقوله سبحانه: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22].
_والإتيان كقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210].
_والنزول كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ! وَمَنْ يَسْألُنِي فَأُعْطِيَهُ! وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأغْفِرَ لَهُ» متفق عليه .
_والكلام كقوله سبحانه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} [النساء: 164].
_والأخذ كقوله: {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 11].
_والإمساك كقوله: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [الحج: 65].
_والبطش كقوله: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)} [البروج: 12].
_والإرادة كقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].

_فنصف الله بما وصف به نفسه
_ من غير تكييف ولا نسميه به، فلا نقول من أسمائه الجائي والآتي والنازل وهكذا البقية، وإن كنا نخبر بذلك عنه، ونصفه به على ما يليق بجلاله.

_موسوعة فقه القلوب_

_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في

1⃣6⃣

_فقه إثبات صفات الله كما ينبغي على الوجه اللائق به سبحانه  _

_صفات الله تبارك وتعالى تنقسم إلى قسمين:_
1⃣صفات ثبوتية ..
2⃣وصفات سلبية.
_فالصفات الثبوتية: هي ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه كالحياة والعلم، والقدرة والرحمة، والاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا كل ليلة، والمجيء لفصل القضاء، والعين والوجه واليدين ونحو ذلك.

_فيجب إثباتها لله تعالى حقيقة على الوجه اللائق به، لأن الله أخبر بها عن نفسه، وهو أعلم بها من غيره، وهو أصدق قيلاً، فيجب قبول ما جاء عن الله بلا تردد، وكذا ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله عزَّ وجلَّ يجب قبوله، فهو أعلم الناس بربه، وأصدقهم خبراً، وأنصحهم إرادة.

_والصفات السلبية: هي ما نفاها الله سبحانه عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكلها صفات نقص في حقه كالموت والنوم، والعجز والتعب، والجهل والنسيان، والغفلة والظلم، ونحو ذلك من صفات النقص التي يجب نفيها عن الله عزَّ وجلَّ، وإثبات ضدها على الوجه الأكمل.

_وكل ما نفاه الله عن نفسه، فالمراد به إثبات كمال ضده، كما قال سبحانه:
_{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58].
⬅فنفي الموت عنه سبحانه يتضمن كمال حياته، ونفي الظلم عنه يتضمن كمال عدله كما قال سبحانه:
_{وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)} [الكهف: 49].

_والصفات الثبوتية لله جلَّ جلاله صفات مدح وكمال، وكذا الصفات السلبية، لكن الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر بكثير من الصفات السلبية التي لم تذكر غالباً إلا لبيان عموم كماله سبحانه كما قال عزَّ وجلَّ:
_{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى: 11].
_أودفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بأمر معين كما قال سبحانه:
_{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)} [ق:38].

_وصفات الله تبارك وتعالى نوعان:_
1⃣صفات ذاتية ..
2⃣وصفات فعلية.
_فالصفات الذاتية هي التي لم يزل ولا يزال الله متصفاً بها، وهي ملازمة للذات لا تنفك عنها أبداً، وهي نوعان: __
_معنوية ..
_وخبرية.
_فالمعنوية كالحياة والعلم، والقدرة والحكمة، والعزة والغنى، وما أشبه ذلك، وهذا على سبيل
المثال لا الحصر.
_والخبرية مثل الوجه واليدين والعينين والقدمين، وما أشبه ذلك.
فهذه الصفات الذاتية، المعنوية والخبرية كلها ملازمة للذات لا تنفك عنها.

_أما الصفات الفعلية، فهي الصفات المتعلقة بمشيءته، إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها، وهي نوعان:__
_صفات لها سبب معلوم مثل الرضا والسخط، والحب والكره، ونحو ذلك، فالله عزَّ وجلَّ إذا وجد سبب المرض رضي كما قال سبحانه:
_ {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7].
_وإذا وجد سبب السخط من أحد سخط الله عليه كما قال سبحانه:
_{ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ

_وصفات ليس لها سبب معلوم كالنزول إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: _«يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى سَمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْألُنِي فَأعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأغْفِرَ لَهُ» متفق عليه .

_ومن الصفات ما هو صفة ذاتية وفعلية باعتبارين كالكلام،
⬅فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية، لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلماً،
⬅وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية، لأن الكلام يتعلق بمشيئته ، يتكلم متى شاء، بما شاء كما قال سبحانه:
_{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82].

_وكل صفة تعلقت بمشيئته فإنها تابعة لحكمته، سواء أدركنا الحكمة أو جهلناها، لكننا نعلم علم اليقين أن الله عزَّ وجلَّ لا يشاء شيئا إلا وهو موافق للحكمة كما يشير إليه قوله سبحانه:
_{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30)} ... [الإنسان: 30]

_موسوعة فقه القلوب _

_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة _



1⃣7⃣

☀فقه الصفة والخبر في حق الله تعالى ☀

_أسماء الله وصفاته وأفعاله مطلقة في الكمال والحسن، لا تتناهى ولا تنقطع بآخر، ولا تحد بأول، كعلمه ورحمته وقدرته وسائر صفاته.
فسبحان الملك الحق، ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة:
_{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)} [الجاثية: 36، 37].

_وكيفية الشيء لا تدرك إلا بمشاهدته .. أو مشاهدة نظيره .. أو خبر الصادق عنه.

_فالله أخبرنا أنه استوى على العرش، ولم يخبرنا كيف استوى، وأخبرنا أنه ينزل إلى السماء الدنيا، ولم يخبرنا كيف ينزل، وأخبرنا أنه يجيء يوم القيامة لفصل القضاء، ولم يخبرنا كيف يجيء،
_وأسماء الله وصفاته ثابتة ومعلومة، ولها كيفية، ولكننا لا نعلم كيفيتها، فما من موجود إلا وله كيفية، وكما لا نعلم ذاته سبحانه، فكذلك لا نعلم كيفية صفاته.

_فيجب الحذر من القول على الله بلا علم كما قال سبحانه:
_{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)} [الإسراء: 36].

_وما يجري صفةً أو خبراً على الرب تبارك وتعالى أقسام:_

_أحدها: ما يرجع إلى نفس الذات كقولنا: ذات وموجود وشيء.

_الثاني: ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم والقدير والسميع.

_الثالث: ما يرجع إلى أفعاله سبحانه نحو الخالق والرازق.

_الرابع: ما يرجع إلى التنزيه المحض، ولا بد من تضمنه ثبوتاً كالقدوس والسلام.

_الخامس: الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة نحو المجيد، والعظيم والصمد والرب، فهذه الأسماء تدل على من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال.

_السادس: صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين أو الوصفين بالآخر، وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد، أو العزيز الحكيم، أو العفو الغفور ونحو ذلك.
⬅فالغنى صفة كمال، والحمد صفة كمال، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر، فله سبحانه ثناء من غناه، وثناء من حمده، وثناء من اجتماعهما، وهكذا في باقي الأسماء.

_ولا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيداً، أن يشتق له منه اسم مطلق كما ورد في القرآن لفظ (يضل ويمكر وفتنا) ونحوها.
⤴فهذه أفعال مخصوصة لا يجوز أن يطلق منها أسماء على الرب كالمضل والماكر والفاتن، فأسماء الله توقيفية وصفاته كذلك.

_أما الاسم إذا أطلق عليه كالسميع والبصير
، فيجوز أن يشتق منه المصدر كالسمع والبصر، والفعل نحو سمع، ويسمع.

_وأفعال الرب تبارك وتعالى ⬅صادرة عن أسمائه وصفاته،
_وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم.

_فالرب سبحانه وتعالى ⤵
_أفعاله عن كماله،
_والمخلوق كماله عن أفعاله⏪ فاشتقت الأسماء للمخلوق بعد أن كمل بالفعل.

_أما الرب فهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته، ولم يزل كاملاً، فحصلت أفعاله عن كماله، ⬅لأنه كامل في ذاته وأسمائه وصفاته.

↙فأفعاله كلها صادرة عن كماله،
_كمل سبحانه ففعل كل شيء،
_والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به.

♦وما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود والقائم، فإنه يخبر به عنه، ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العلا.

_موسوعة فقه القلوب _

_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة _

1⃣8⃣

☀مظاهر صفات الربوبية واﻷلوهية على العباد ☀

_أسماء الله عزَّ وجلَّ منها ما يطلق عليه مفرداً، أومقترناً بغيره،
⬅وهو غالب الأسماء كالعزيز والحكيم، والسميع والبصير، والعفو والغفور، فتقول مثلاً سبحان العزيز، أو سبحان العزيز الحكيم.

_ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده، بل مقروناً بمقابله كالمعطي المانع، والنافع الضار، والمعز المذل ونحوها.

_فهذه أسماء مزدوجة يجري الاسمان منها مجرى الاسم الواحد، لأنه يراد بها المتفرد بالربوبية، وتدبير الخلق والتصرف فيهم عطاءً ومنعاً، نفعاً وضراً، فهي وإن تعددت جارية مجرى الاسم الواحد، ولذلك لم تجئ مفردة، ولم تطلق عليه إلا مقترنة.

_وقد تجلى الله تبارك وتعالى في كتابه لعباده بأسمائه الحسنى وصفاته العلا:

♦فتارة يتجلى في جلباب الهيبة والعظمة، والجلال والجبروت،
⏪ فتخضع الأعناق، وتنكسر كبرياء النفوس، وتخشع الأصوات، ويذوب الكبر كما يذوب الملح في الماء.

♦وتارة يتجلى سبحانه بصفات الجمال والكمال، وهو جمال الأسماء، وجمال الصفات، وجمال الأفعال، الدال على كمال الذات،
⏪ فيستنفذ حبه من قلب العبد قوة الحب كلها، بحسب ما عرفه من ذلك، فيصبح فؤاده فارغاً إلا من محبة الله، وتصير المحبة له طبعاً لا تكلفاً.

♦وإذا تجلى سبحانه بصفات البر والرحمة، واللطف والإحسان،
⏪ انبعثت قوة الرجاء من العبد، وانبسط أمله، وانشرح صدره، وقوي طمعه،
_ وكلما قوي الرجاء جد في العمل، وتلذذ به، وأكثر منه.

♦وإذا تجلى عزَّ وجلَّ بصفات السمع والبصر،
⏪انبعثت من العبد قوة الحياء، فيستحي من ربه أن يراه على ما يكره، أو يسمع منه ما يكره، أو يخفي في نفسه ما يمقته عليه ربه.
_فتبقى أقواله وأفعاله، موزونة بميزان الشرع، غير مهملة ولا مرسلة تحت حكم الطبيعة والهوى.

♦وإذا تجلى جل جلاله بصفات العدل والانتقام، والغضب والسخط، والعقوبة والتدمير،
⏪انقمعت النفس الأمارة، وبطلت أو ضعفت قواها، من الشهوة والغضب، واللهو واللعب، والحرص على المحرمات، وأخذت حظها من الخوف والخشية والحذر.

♦وإذا تجلى سبحانه بصفات الكفاية والحسب، والقيام بمصالح العباد، وسوق أرزاقهم إليهم، ودفع المصائب عنهم، ونصره لأوليائه، وحمايته لهم،
⏪ انبعثت من الصدر قوة التوكل عليه، وتفويض الأمور إليه، والرضى به، والتسليم له.

♦وإذا تجلى الجبار بصفات العز والكبرياء،
⏪ذلت النفس لعظمته، وانكسرت لعزته، وخضعت لكبريائه، وخشع القلب له، وانقادت الجوارح لطاعته، فتعلوه السكينة والوقار والطمأنينة، ويذهب طيشه وحدته.

_والله حكيم عليم، يتعرف إلى العباد بصفات الربوبية تارة، وبصفات الإلهية تارة.
_فيوجب للعبد شهود صفات الإلهية محبة الله، والأنس والفرح به، والشوق إلى لقائه، والمنافسة في قربه، والسرور بخدمته، والتودد إليه بطاعته، واللهج بذكره، والفرار من الخلق إليه.

_ويوجب له شهود صفات الربوبية تعظيم الرب، وحسن التوكل عليه، والافتقار إليه، والاستعانة به، والذل والخضوع له، والانكسار له.
⏪وكمال ذلك أن يشهد ربوبيته في قضائه وقدره .. ونعمته في بلائه .. وعطاءه في منعه .. وعدله في انتقامه .. وجوده وكرمه في مغفرته وستره وتجاوزه .. وبره ولطفه .. وإحسانه ورحمته في قيوميته .. ويشهد حكمته في تدبيره .. ونعمته في أمره ونهيه .. وعزه في رضاه وغضبه .. وحلمه في إمهاله.

_موسوعة فقه القلوب _

_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة _

1⃣9⃣

☀آثار شهود القلب عظمة الرب بأسمائه وصفاته ☀

_وإذا تأملت القرآن وتدبرته أشهدك ملكاً قيوماً، علياً عظيماً، قوياً عزيزاً، له العزة والكبرياء، وله الجبروت والملكوت، فوق سماواته على عرشه، يدبر أمر الخلائق كلها في العالم العلوي، وفي العالم السفلي:

_يأمر وينهى .. ويقضي ويحكم .. ويرسل الرسل .. وينزل الكتب .. ويرضى ويغضب .. ويثيب ويعاقب .. ويعز ويذل .. ويخفض ويرفع .. ويعطي ويمنع .. ويرى ويسمع .. فعال لما يريد .. موصوف بكل كمال .. لا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بإذنه .. ولا تسقط ورقة إلا بعلمه .. ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه .. بيده الملك وهو على كل شيء قدير:
يخلق ويرزق .. ويحيي ويميت .. ويكرم ويهين .. الخلق والأمر له .. والكون كله له .. والأمور كلها بيده .. ومصدرها منه .. ومردها إليه .. يثني على نفسه .. ويمجد نفسه .. ويحمد نفسه ..
_ويثني على عباده .. ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم .. ويرغبهم فيه .. ويحذرهم مما فيه هلاكهم .. ويتعرف إليهم بأسمائه وصفاته .. ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه .. ويذكرهم بنعمه .. ويحذرهم من نقمه .. ويذكرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه .. وما أعده من العقوبة إن عصوه .. ويخبرهم بما فعله بأوليائه وأعدائه، وعاقبة هؤلاء وهؤلاء.

_وإذا شهدت القلوب ملكاً هذا شأنه، وهذه عظمته، وهذه آلاؤه ونعمه، وهذا إحسانه، وهذا جماله،
_فكيف لا تحبه، ولا تنافس في القرب منه، وتنفق أنفاسها في التودد إليه، ويكون أحب إليها من كل ما سواه؟. ❓❗
❓❗وكيف لا تلهج بذكره، ويصير حبه والشوق إليه والأنس به هو غذاؤها وقوتها ودواؤها
_ {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)} [الرعد: 28].

♦وقد خلق الله الإنسان في ظاهره وباطنه في أحسن تقويم، وجعله كالمرآة العاكسة لتجليات الأسماء الحسنى، فهو مرآة لها.
ويظهر ذلك كما يلي:__

_أولاً: كما أن الظلام سبب لرؤية النور، فكذلك الإنسان يعرف بجهله وضعفه، وعجزه وفقره، وحاجته وقصوره،
⬅يعرف بذلك قدرة القدير وقوته، وعلمه وغناه، ورحمته سبحانه.

_ثانياً: أن ما وهب الله الإنسان من العلم والقدرة، والسمع والبصر، والملك والحكمة، وغيرها من الصفات الجزئية،
⬅يعرف منها الصفات المطلقة الكلية لله سبحانه، ويعلم أن لهذا الكون العظيم ملكاً عظيماً، يعلم ما فيه، ويدبره، ويسمع كل صوت فيه، ويبصر كل صغيرة فيه.

_ثالثاً: وكذلك الإنسان مرآة عاكسة للأسماء الحسنى،
⏪ من حيث ظهور نقوشها الظاهرة عليه،
_فيعرف من كونه مخلوقاً اسم الخالق،
_ ويظهر من حسن تقويمه اسم الرحمن الرحيم،
_ ومن حيث تربيته اسم اللطيف الكريم.
_وهكذا في بقية الأسماء.

_موسوعة فقه القلوب _

_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة _



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق