الجمعة، 19 ديسمبر 2014

فقه التوحيد والإيمان الدروس من(6-9)

6⃣
_نور التوحيد في القلب _

_ مكان التوحيد _
_اعلم أن محل السمع في الأذن
_ومحل البصر في العين
_ومحل الكلام في اللسان
_ومحل العقل في القلب
⬅وكلها تصب في القلب العلوم
_وتملؤه بالتوحيد والإيمان الذي يحرك القلوب والجوارح بالطاعة والعبادة حسب تلك المعارف لربها الواحد الأحد ، المالك لكل أحد ، القادر على كل أحد ، الغني عن كل أحد , المحيط بكل أحد , الرحيم بكل أحد.

_والبصر في العين كالبصيرة في العقل،هذا يبصر المرئيات،وذاك يبصر المعقولات،والبصر أعظم وسيلة للبصيرة في تقوية التوحيد :
⚡{أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } [ الأعراف / ١٨٥ ].

⚪ومحل التوحيد في القلب اعتقاداً ،
⚪وفي اللسان قولاً،
⚪وفي الجوارح عملاً .

_وجزاء التوحيد في الدنيا سعادة وأمناً
_وفي الجنة ثواباً ورضواناً :
⚡{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{30} نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ{31} نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ{32} [ فصلت /٣٠ – ٣٢ ] .

_وكمال التوحيد وتمامه أن يعلم العبد أن الخلق والأمر في الكون كله بيد الله لا بيد غيره.
_فلا يرى نفعاً ولا ضراً
_ولا بسطاً ولا قبضا ً
_ولا حركة ولا سكونا ً
_ولا هداية ولا ضلالاً
_ولا ظلمة ولا نوراً
_ولا حياة ولا موتاً إلا ويعلم أن ذلك كله الله خالقه ، وهو على مقتضى العدل والإحسان، والحكمة والرحمة:
⚡{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آل عمران/٢٦ ].

_ حفظ التوحيد:_
_التوحيد كالجوهرة يجب حفظه من النفس والهوى والشيطان.
_والتوحيد والإيمان أعظم شيء في خزائن الله، وأغلى شيء يعطاه أحد، يؤتيه الله من يعلم أنه يصلح له، ويمنعه ممن يعلم أنه لا يصلح له، والله عز وجل وحَّد نفسه في الأسماء والصفات والأفعال.

_فلا شبيه له ولا مثيل في أسمائه وص
فاته، ولا خالق إلا هو، ولا رب سواه.
_ووحَّد نفسه في الألوهية، فلا يعبد إلا الله وحده لا شريك له.
_ووحَّد نفسه في الأمر والنهي، فلا حكم إلا لله الحكيم العليم.
_ووحَّد نفسه في الملك، فهو مالك الملك كله، وله الخلق والأمر كله.

⚪والتوحيد الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم هو معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، وإفراده وحده بالعبادة.

_والعبادة حق الله وحده، لاحظ فيها :
_لملك مقرب،
_ولا نبي مرسل،
_فضلاً عن غيرهم من الأحياء والأموات والمخلوقات.

_والتوحيد كالمرآة أدنى شيء يؤثر فيه ويخدشه وينقصه، فهو يدخل في النيات والإرادات، والأقوال والأفعال.

◀فمن عبد الله ليلاً ونهاراً، ثم دعا نبياً أو ولياً عند قبره، فقد اتخذ إلهين اثنين، ولم يشهد أن لا إله إلا الله.
⚡قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)} [الجن:18].

_ومن ذبح ألف أضحية لله، ثم ذبح لنبي أو غيره، فقد اتخذ إلهين اثنين، ولم يشهد أن لا إله إلا الله.

⚡قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} [الأنعام:162 - 163].
_وهكذا ..
_في كل نية ..
_وفي كل عمل.
◀فمن أخلص العبادات كلها لله، ولم يشرك فيها غيره، فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله.
_ومن جعل فيها مع الله غيره فهو المشرك الظالم الجاحد.
⚡1 - قال الله تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52)} [النحل:51 - 52].

⚡2 - وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} [الكهف:110].

⚡3 - وقال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)} [فاطر:6].

_ كتاب التوحيد والإيمان _

_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة _

7⃣
_حقيقة عظمة التوحيد _

_تحقيق التوحيد : (لوازم التوحيد ):_

_التوحيد يقوم على أصلين عظيمين هما :
1⃣شهادة أن لا إله إلا الله ..
2⃣وشهادة أن محمداً رسول الله.

_فشهادة أن لا إله إلا الله تقتضي من العبد ما يلي :
_أن يحب الله، ويحب ما يحبه الله ..
_ويبغض ما أبغض الله .. ولا يحب إلا لله .. ولا يبغض إلا في الله ..
_ولا يرجو إلا الله .. ولا يخاف إلا الله .. ولا يسأل إلا الله ..
_ويأمر بما أمر الله به .. وينهى عما نهى الله عنه ..
_ويفعل الطاعات .. ويجتنب المعاصي ..
_ ويأمر بما أمر الله ورسوله به ، وينهى عما نهى الله ورسوله عنه: 
⚡{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الحج/٧٧] . 
_ولا يعبد إلا الله .. ولا يستعين إلا بالله ..
◀فهذه ملة إبراهيم، وهي الإسلام الذي بعث الله به جميع الأنبياء والمرسلين.
⚡قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)} [النساء:125].

_وشهادة أن محمداً رسول الله تقتضي من العبد ما يلي:
_طاعة الرسول ﷺ  فيما أمر ،
_وتصديقه فيما أخبر ،
_واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وحبه وتوقيره ,
_وأن لا يعبد الله إلا بما شرع
◀فالحلال ما أحله .. والحرام ما حرمه .. والدين ما شرعه .. قال الله تعالى:
⚡{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)} [الأعراف: 158].

_قيمة التوحيد :_
♦التوحيد والإيمان أعظم نعمة أنعم الله بها على من يشاء من عباده.
والتوحيد جوهرة ثمينة نفيسة ، وهو أعظم شيء في خزائن الله ، فيجب على من أكرمه الله به أن يشكر ربه , ويستفيد منه ، ويحفظه من الدنس والشرك والسرقة:
⚡{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}[ المائدة / ٣ ]  .

_والتوحيد كرامة خاصة من الرب الكريم يؤتيه الله من يعلم أنه يصلح له ويزكو به، ويمنعه من يعلم أنه لا يصلح له ولا يزكو به :
⚡ { مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[ الأنعام/٣٩].

♦والتوحيد به صلاح القلوب والأبدان ، وصلاح الأقوال
والأعمال، وصلاح الدنيا والآخرة.
↩فالقلب إذا صلح بالمعرفة والتوحيد والإيمان صلح الجسد كله بالطاعة والتسليم لرب العالمين، ثم صلحت حال العبد ظاهراً وباطناً ، فرضي عنه ربه، وأسعده في دنياه وأخراه:
⚡{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{62} الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63} لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{64} [ يونس/ ٦٢ – ٦٤ ].

⚫وإذا فسد القلب بالجهل والكفر والشرك فسد الجسد كله بالمعاصي والطغيان والفجور:
⚡{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } [ القصص /٤ ] .
_وعن النعمان بن بشيرt قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : « أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً , إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، ألا وَهِيَ القَلْبُ »  متفق عليه.

_فالتوحيد أعظم شيء عند الله ،
_وأعظم شيء يجب على العبد لله ،
◀ومن أجله خلق الله الخلق ،
◀وأرسل الرسل ،
◀وأنزل الكتب ،
◀وخلق الجنة والنار ،
◀وقبول الأقوال والأعمال وعطاء جزيل الثواب ⏪كل ذلك مبني عليه.

_ولعظمة التوحيد ومحبة الله له ومحبته لأهله وحَّد الله عز وجل نفسه في الأسماء والصفات والأفعال , فلا شريك له في ذلك :
⚡{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ{4}  [ الإخلاص/١-٤].

_ووحَّد نفسه في الألوهية , فأمر بعبادته وحده لا شريك له , وقَبِل ما كان خالصاً له وحده , وأبطل كل عمل أشرك الإنسان معه فيه غيره
⚡{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر/٦٥].

_ووحَّد نفسه في الشريعة بالأمر والنهي  والتحليل والتحريم ، فلا شَـرْع إلا ما شرعه الله وحده لا شريك له، وما سواه مردود غير مقبول :
⚡{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } [ النساء/١١٥].

_وعن عائشة رضي الله عنه
ا أن رسول الله ﷺ  قال:« مَنْ أحْدَثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»  متفق عليه.

_ووحَّد نفسه في الملك والخلق والأمر , فهو مالك الملك كله , وله الخلق والأمر كله : { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [ الاعراف / 54 ] .

⚪ومن أجل ذلك خلق الله الكون كله
_ليُعرِّف عباده بوحدانيته وأسمائه وصفاته وأفعاله ؛ ليوحدوه ويعبدوه ويعظموه ويحبوه :
⚡{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً } [ الطلاق / ١٢] .

_ كتاب التوحيد والإيمان _

_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة _

_بسم الله الرحمن الرحيم_

_فقه التوحيد واﻹيمان_

2/ الدرس الثاني_

‏شاهد "فقه التوحيد والإيمان (الدرس الثاني)" على YouTube - فقه التوحيد والإيمان (الدرس الثاني): http://youtu.be/qob0kYF7Cbg

_لفضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم التويجري حفظه الله_

                   _____
_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة


8⃣

_شروط كلمة التوحيد:_

_لا بد في شهادة أن لا إله إلا الله من سبعة شروط، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها ؛ وهي على سبيل الإجمال:
1⃣الأول: العلم المنافي للجهل.
2⃣الثاني: اليقين المنافي للشك.
3⃣الثالث: القبول المنافي للرد.
4⃣الرابع: الانقياد المنافي للترك.
5⃣الخامس: الإخلاص المنافي للشرك.
6⃣ السادس: الصدق المنافي للكذب.
7⃣السابع: المحبة المنافية لضدها وهو البغضاء.

_الأول: العلم المنافي للجهل._
◀بأن يعلم العبد أن الله وحده بيده كل شيء، وما سواه ليس بيده شيء، وأنه وحده هو المستحق للعبادة ؛ أي العلم بمعناها المراد منها وما تنفيه وما تثبته، المنافي للجهل بذلك، قال تعالى: ((إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ))[الزخرف:82]

_أي شهد بلا إله إلا الله، وهم يعلمون بقلوبهم ما شهدت به ألسنتهم، فلو نطق بها وهو لا يعلم معناها، لم تنفعه، لأنه لم يعتقد ما تدل عليه.
⚡1 - قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)} [محمد:19].
_2 - وَعَنْ عُثمانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ». أخرجه مسلم

_معنى شهادة أن لا إله إلا الله:
⚪الاعتقاد والاقرار، أنه لا يستحق العبادة إلا الله ، والتزام ذلك والعمل به،
_(فلا إله) نفي لاستحقاق من سوى الله للعبادة كائناً من كان
_(إلا الله) إثبات لاستحقاق الله وحده للعبادة

_ومعنى هذه الكلمة إجمالا:_
_لا معبود بحق إلا الله.
_وقد فُسرت هذه الكلمة بتفسيرات باطلة منها:
_(أ‌) أن معناه: لا معبود إلا الله.
◀وهذا باطل؛ لأن معناه: أن كل معبود بحق أو باطل هو الله .

_(ب‌) أن معناها: لا خالق إلا الله.
◀وهذا جزء من معنى هذه الكلمة؛ ولكن ليس هو المقصود؛ لأنه لا يثبت إلا توحيد الربوبية، وهو لا يكفي وهو توحيد المشركين.

_(ت‌) أن معناها: لا حاكمية إلا الله،
◀وهذا أيضاً جزء من معنى هذه الكلمة؛ وليس هو المقصود؛ لأنه لو أفرد الله بالحاكمية فقط ودعا غير الله أو صرف له شيئاً من العبادة لم يكن موحداً، وكل هذه تفاسير باطلة أو ناقصة؛ وإنما نبهنا عليها لأنها توجد في بعض الكتب المتداولة.
_والتفسير الصحيح لهذه الكلمة عند السلف والمحققين:
_أن يُقال: (لا معبود بحق إلا الله).

_لا إله إلا الله لها ركنان هما: _
_النفي
_والإثبات

_فالركن الأول: النفي:
⬅لا إله: يُبطل الشرك بجميع أنواعه، ويُوجب الكفر بكل ما يعبد من دون الله.
_الركن الثاني: الإثبات:
⬅إلا الله: يثبت أنه لا يستحق العبادة إلا الله، ويُوجب العمل بذلك.
وقد جاء معنى هذين الركنين في كثير من الآيات

⚡مثل قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:296]

⚡فقوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} ◀هو معنى الركن الأول (لا إله)
⚡وقوله: {وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} ◀هو معنى الركن الثاني (إلا الله).

_والطاغوت :
◀كل ما تجاوز به العبد حده من معبود كالأصنام، أو متبوع كالكهان وعلماء السوء، أو مطاع كالأمراء والرؤساء الخارجين عن طاعة الله عز وجل.

_والطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة: _
1⃣إبليس أعاذنا الله منه،
2⃣ومن عُبد وهو راض،
3⃣ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه،
4⃣ومن ادعى شيئاً من علم الغيب،
5⃣ومن حَكَم بغير ما أنزل الله.
⚡1- قال الله تعالى:  {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة/257].

⚡2- وقال الله تعالى:  {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً } [النساء/60].

_ كتاب التوحيد والإيمان _

_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة _

9⃣
_تابع شروط كلمة التوحيد_

_الثاني: اليقين المنافي للشك._
_بأن يستيقن بأن هذه الكلمة حق، وما دلت عليه هو الحق، وكل ما سواه فهو باطل
_فإن كان شاكاً بما تدل عليه لم تنفعه.
⚡1 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)} [الحُجُرات:15].

_2 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللهِ؛ لاَ يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلاَّ دَخَلَ الجَنَّةَ». أخرجه مسلم

_فإن كان مرتاباً كان منافقاً، وقال النبي -صل الله عليه وسلم- :
[ فمن لقيتَ من وراءِ هذا الحائطَ يشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ مستيقِنًا بها قلبُهُ فبشِّرْهُ بالجنَّة]《مسلم في صحيحه》
_فمن لم يستيقن بها قلبه، لم يستحق دخول الجنة.

_الثالث: القبول المنافي للرد._
_بأن يقبل بقلبه ولسانه كل ما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه ؛ فمن قالها ولم يقبل ذلك ولم يلتزم به كان من الذين قال الله فيهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}[الصافات:35-36]
◀وهذا كحال عباد القبور اليوم فإنهم يقولون لا إله إلا الله ،ولا يتركون عبادة القبور، فلا يكونون قابلين لمعنى لا إله إلا الله.
⚡1 - قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} [الكهف:110].
_2 - وعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِاللهِ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! قُلْ لِي فِي الإِسْلامِ قَوْلاً، لا أسْألُ عَنْهُ أحَدًا بَعْدَكَ (وَفِي حَدِيثِ أبِي أسَامَةَ: غَيْرَكَ) قال: «قُلْ آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ». أخرجه مسلم.

_الرابع: الانقياد المنافي للترك._
_بأن ينقاد لكل ما دلت عليه من الإيمان والعمل الصالح، ويترك كل ما خالفها.
⚡قال تعالى: ((وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)) [لقمان:22]
_والعروة الوثقى: لا إله إلا الله؛
_ومعنى يسلم وجهه أي ينقاد لله بالإخلاص له.

⚡وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)} [الكهف:107].

_الخامس: الصدق المنافي للكذب._
_بأن يصدِّق بلا إله إلا الله بقلبه، ويقر بلسانه، ويصدق ذلك ؛ ولم يصدق بها قلبه كان منافقاً كاذباً
⚡قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة:119].
⚡وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا}[البقرة:8 - 9]

_السادس: الإخلاص المنافي للشرك._
_بأن يخلص العبادة لله وحده لا شريك له،
_ويصفي عمله من شوائب الشرك ؛
_بأن لا يقصد بقولها طمعاً من مطامع الدنيا ولا رياء ولا سمعة؛
_لما في الحديث الصحيح من حديث عتبان قال: ((فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله)) [أخرجه الشيخان]
⚡وقال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البيِّنة:5].

_السابع: المحبة المنافية للبغض._
_بأن يحب كلمة التوحيد وما دلت عليه
_ويحب أهلها
_ويبغض كلمة الشرك وأهلها.
⚡قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}[البقرة:165]
_فأهل لا إله إلا الله يحبون الله حباً خالصاً
_وأهل الشرك يحبونه ويحبون معه غيره، وهذا ينافي مقتضى لا إله إلا الله.
⚡1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)} [المائدة:54].
_2 - وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ
حَلاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا للهِ، وَأنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ». متفق عليه .

_ كتاب التوحيد والإيمان _

_ جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة _


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق